فضل قراءة سورة الكهف

الأحاديث المروية عن قراءة سورة الكهف بعضها ورد بفضلها مطلقًا، بصرف النظر عن كونها يوم الجمعة أو في غيره، كحديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا " من قرأ الكهف كما أنزلت كانت له نورًا يوم القيامة من مقامه إلى مكة " رواه الحاكم وصححه . وبعضها ورد بفضلها يوم الجمعة لحديث أبي سعيد أيضًا أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال " من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجُمُعَتين " رواه النسائي والبيهقي مرفوعًا، ورواه الحاكم مرفوعًا وموقوفًا أيضًا، وقال : صحيح الإسناد . ورواه الدَّارِمي في مسنده موقوفًا على أبي سعيد . قال الحافظ المنذري : وفي أسانيدهم كلها، إلا الحاكم، أبو هاشم يحيى بن دينار الروماني، والأكثرون على توثيقه، وبقية الإسناد ثقات، وفي إسناد الحاكم الذي صحَّحه نعيم بن حماد، وقد وثَّقه جماعة وجرَّحه آخرون . ( الترغيب والترهيب ) .
وعن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نورٌ من تحت قدميه إلى عَنان السماء، يُضيء له يوم القيامة، وغُفر له ما بين الجمعتين " رواه أبو بكر ابن مِرْدَوَيْه في تفسيره بإسناد لا بأس به ( المرجع السابق ) .
ومن مجموع هذه الروايات نرى أن الثواب على سورة الكهف سيكون نورًا، وهذا النور يوم القيامة، وطوله يقدَّر بالمسافة التي بين قدَمَيِ القارئ ومكة لمن قرأها في أي يوم، أما من قرأها يوم الجمعة فيقدر بالمسافة التي بين قدميه وعنان السماء، أي أن التقدير إما بالامتداد الأفقي، وإما بالامتداد العمودي، وقد يكون المُراد عدم التحديد، بل الإشارة إلى طول المسافة التي يَغمرها النور، الذي ربما يكون هو المشار إليه بقوله تعالى : ( يومَ ترى المؤمنين والمؤمنات يَسْعَى نورُهم بيْن أيديهم وبأيْمَانِهِم ) ( الحديد : 12 ) .
والثواب الثاني لقارئ الكهف يوم الجمعة هو مغفرة الذنوب التي وقعت بين الجمعتين، وهى الصغائر، ولعل هذا هو المراد بإضاءة النور ما بين الجمعتين، فنورُ الطاعة يمحو ظلام المعصية ( إن الحسنات يُذْهِبْن السيئات ) ( هود : 114 )، وقراءة الكهف مشروعة لكل مسلم، يقرؤها في المسجد أو في غيره، بصوت منخفض أو مرتفع، ما لم يترتب على رفع الصوت ضرر أو إضرار .

خطأ يقع فيه الكثيرون عند الوضــــــوء

خطأ يقع فيه الكثيرون عند الوضــــــوء
أثناء الوضوءعندما تغسل يديك إلى المرافق (غسل الذراع) لا تغسل يدك من بداية الاصابع باعتقاد انه يكفي غسلهن في بداية الوضوء قبل المضمضة والاستنشاق والصحيح أن غسل اليدين (الكفين) في بداية الوضوء سنه وغسل اليدين "من بداية الأصابع" الى المرفقين
ركن من أركان الوضوء نعم ركن يعني بدونه الوضوء غير صحيح قال تعالى {‏إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ‏} وهذي فتوى من موقع الإسلام سؤال وجواب ..
سئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله : ماحكم من يغسل يده من الرسغ إلى المرفق دون غسل الكف مكتفيا بغسلها أول الوضوء وهل يلزمه إعادة الوضوء؟ فأجاب : " لايجوز في الوضوء الاقتصار على غسل الذراع فقط دون الكف ، بل متى فرغ من غسل الوجه بدأ بغسل اليدين ،فيغسل كل يد من رؤوس الأصابع إلى المرافق ،ولو كان قدغسل الكفين قبل الوجه ،فإن غسلهما الأول سنة ،وبعد الوجه فرض ، فمن اقتصر في غسل اليدين من الرسغ إلى المرفق فما أكمل الفرض المطلوب ، فعليه إعادة الوضوء بعد التمام ، أو عليه غسل ما تركه إن كان قريبا في غسل الكفين وما بعدهما
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وهنا نقف لننبه على مايغفل عنه كثير من الناس حيث كانوا يغسلون اليد من الكف إلى المرفق ظنا منهم أن غسلها قد تم قبل غسل الوجه ،وهذا غير صحيح ، و لا بد أن تغسلها من أطراف الأصابع إلى المرفقين " ... انتهى
وأما فائدة المسح على الجورب فهي عند مسح الجورب تمسح القدمين معا وليس بتقديم مسح القدم اليمنى على مسح القدم اليسرى لقول الشيخ بن عثيمين رحمه الله تعالى كيفية المسح أن يمر يده من أطراف أصابع الرجل إلى ساقه فقط ، يعني أن الذي يمسح هو أعلى الخف، فيمر يده من عند أصابع الرجل إلى الساق فقط ، ويكون المسح باليدين جميعاً على الرجلين جميعاً ، يعني اليد اليمنى تمسح الرجل اليمنى ، واليد اليسرى تمسح الرجل اليسرى في نفس اللحظة كما تمسح الأذنان، لأن هذا هو ظاهر السنة لقول المغيرة ابن شعبة : فمسح عليهما، ولم يقل : بدأ باليمنى ، بل قال مسح عليهما
و الله أعلى و أعلم

وصلني عبر البريد الإلكتروني

اياك ان تتزوجي الا بعد قراءة هذا الموضوع


الإحتساب فى الزواج
-الإحتساب فى إختيار الزوج أو الزوجة المناسبة و فترة الخطوبة
-الإحتساب فى الزواج و إنجاب الأبناء
الإحتساب فى إختيار الزوج أو الزوجة الصالحة:
لماذا تتزوج؟؟.......لماذا تتزوجى؟؟
لا تتعجب من سؤالى فقد تعودنا أن كل الناس تتزوج!!!!!!!!!و لكن لم نفكر لم نتزوج؟؟ و كيف نجعل الزواج عبادة نؤجر على كل لحظة فيها؟؟؟؟؟؟كيف تحول زواجك إلى عبادة تتقرب بها إلى الله سبحانه و تعالى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟أليس الله هو خالقنا و بارئنا و مدبر أمرنا من لدن آدم إلى أن يرث الله الأرض و من عليها؟؟؟؟أليس هو أعلم بما يفرحنا و يتعسنا و الصالح و الطالح من أمورنا و شئون حياتنا؟؟
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
(تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)
صحيح البخاري الجامع الصحيح5090
و قال صلوات ربى و تسليماته عليه إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه ؛ فأنكحوه ؛ إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض، وفساد كبير، قالوا يا رسول الله ! وإن كان فيه ؟! قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه – ثلاث مرات
حسن الألباني التعليقات الرضية143/
و معنى كلام الحبيب أن المرأة ترغب لأكثر من سبب و لكن ذا الهمة العالية لا يتزوج من أجل دنيا!!!!!!!أحدكم يقول إذن لم نتزوج؟؟ أيتزوج أحدنا من أجل الآخرة؟؟؟؟
و أقول له نعم
الكثيرين بنعمة الله و فضله تزوجوا ليرضوا الله و ليس من أجل سعادة شخصية أو دنيوية!!كيف؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الحياة الدنيا ما هى فى يوم القيامة الذى هو خمسون ألف سنة إلا ساعة
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ {30/55}
وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {30/56}
فَيَوْمَئِذٍ لَّا يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ {30/57}
و ما الدنيا فى الجنة الخالدة إلا لحظة فما بال من ضيع آخرته الخالدة من أجل لحظة!!!!!!!!
أين عقلك؟؟॥ أين قلبك؟؟॥ أين دينك؟؟॥ أين حب ربك॥ بارئك ॥رازقك॥ مدبر أمرك من حساباتك العظيمة فى الدنيا؟؟؟؟
الكثير منا يخطط بدقة شديدة لكل خطوة فى حياته الدنيا و نادراً ما نجد من يخطط لإقامته فى الجنة خلوداً لا ملل فيه و لا لغو و لا رتابة
منا من يفكر أن يكون له أكثر من بيت فى الجنة ينتقل بينهم كيف يشاء و ذلك بالقيام بعبادة بسيطة و هى صلاة 12 ركعة تطوعاً كل يوم (السنن الرواتب) تخيل بيت فى الجنة كل يوم
فما رأيكم فيمن يفكر فى الزوجة التى سترافقه فى الجنة و يدقق إختيارها على أساس الدين و الخلق، ستكون أجمل من الحوريات لطاعتها لربها و صومها و قيامها و طاعتها لزوجها
أليس عنده حق من يدقق إختيار الزوجة الصالحة؟؟؟
أليس عندها حق أن تدقق إختيار الزوج الذى سيقربها إلى الله و تدخل معه الجنة زوجين خالدين إلى أبد الآبدين؟؟؟؟
لقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم"
إنما الدنيا متاع وليس من متاع الدنيا شيء أفضل من المرأة الصالحة
صحيح الألباني صحيح ابن ماجه1504
إن الدنيا إختبار لك و لها... الإختبار معروف ....الأسئلة و الأجوبة معروفة مسبقاً....تخيلوا معى أهناك أسهل من هذا الإختبار؟؟؟
بل و الإستعانة بقريب أو صديق متاح... يا الله ما أيسر إختبارك
و مع هذا سيرسب الكثيرين!!
والذكى و المجتهد هو الذى يتخذ شريكة مجتهدة تيسر عليه النجاح فى الإختبار و تعينه على طاعته سبحانه و تعالى بل و تبنوا بيتكم فى الجنة بأعمالكم طوبة طوبة كما يقول فى المثل الشائع
قال الله تعالى:وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ {29/64}
تذكروا الله سوياً فتكون لك نخلة فى حديقة بيتكم فى جنة عدن و لكن إنتظر نخل الجنة خير من الدنيا و ما عليها فكم نخلة تريد؟؟؟؟؟؟؟؟؟ و ما نوع الفواكه التى تريد أن تملأ حديقتك؟؟؟؟؟ وأى اللحوم تفضل؟؟؟؟
أسئلة كثيرة فملذات الجنة لا تعد و لا تحصى فكيف تحتسب فترة إختيار الزوج أو الزوجة
- احتسب أنك تتزوج لإرضاء الله، أن تبنى بيتاً مسلماً تقيم فيه شعائر و شرائع الله، أن تنجب أطفالاً مسلمين يوحدوا الصف المسلم و يرفعوا إسم الله عالياً خفاقاً، إحتسب أن تنجب من مثل صلاح الدين فى شجاعته و إقدامه و نشره لدين الله أو السيدة فاطمة الزهراء عقلها و ورعها أو سيدنا يوسف فى عفته أو السيدة مريم فى عبادتها لله।
- احتسبي أن تصلحى دين إنسان مسلم بعفته فى بيت مسلم يرضى الله عنه
- احتسبا الإستعانة ببعضكما على طاعة الله فى الذكر ॥فى الصلاة ॥ فى الصيام ॥ فى الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر
- احتسبا أن تكونا ضمن قافلة الغرباء فى زمن كثرت فيه الفتن فكونا لبعضكما مغاليق لأبواب الشيطان، وقَافين عند حدود الله
- احتسب الإلتزام بالضوابط الشرعية من عدم الإنفراد بالخطيبة بدون محرم حتى يبارك الله ذلك الزواج و يرضى عن هذا البيت المسلم...
فما رأيك فى بيت أسس على رضوان من الله، أهو أفضل أم بيت بدىء بعصيان و خرق لحدود الله!!!!
حديث جابر مرفوعا: من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها ثالثهما الشيطان
صحيح الألباني إرواء الغليل18136
- احتسب و إحتسبى فى معاملة أهل الخطيب أو الخطيبة معاملة حسنة فهم الذين قاموا بتربته أو تربتها على الدين و الخلق الحسن، فهى صلة رحم أظنك لا تقطعها و لا تقطعيها
- احتسب فى عدم الخوض مع الخائضين من شباب هذا الزمن الذين يقيمون حفلات خطوبة لا تخلى من الغناء و المجون و الخلاعة و الرقص
- اتقوا الله فى بيتكم الذى تتمنوا أن يرضى الله عنه و يبدأ برزق حسن، إحتسبوا ألا تنفقوا أمواكم فى ما يغضب الله
قال الله تعالى: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ {74/42} قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ {74/43} وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ {74/44} وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ {74/45}
تذكر أخى و أختى سوف تسألون عن مالك فيم أنفقته ضمن اسئلة الرحمن لك يوم القيامة فإحتسب عند قيامك بحفلة إسلامية خالية من المعاصى و الموبقات أن تنجح فى الإجابة على هذا السؤال
- إحتسبى فى معاملة الخطيب كأجنبى لا يصح و لا يجوز فعل ما يسمونه عرف من قيام الخطيب بوضع خاتم الخطبة فى إصبع الخطيبة و ما فى هذا من خطأ شرعى.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له
صحيح الألباني صحيح الجامع50459
१०- إقناع أهلكما بالتى هى أحسن بهذه الخطوات الشرعية لكونهما لم يتعودا تغيير التقاليد المتعارف عليها و قولا لهم الله و رسوله أولى أن يطاع و أحتسب أن أظفر بشفاعة النبى صلى الله عليه و سلم بهذا الفعل لإتباعى سنته، أهلنا يحتاجوا منا أن نذكرهم فقط ففيهم الخير بإذن الله
قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ {7/201}
११- احتسب أن تكون قدوة لكل من يعرف بسنتك الحسنة التى أحييتها بقدرة الله و فضله عليك و أن يقتدوا بك و يقلدوك و تثاب مثل ثوابهم لا ينقص من ثوابهم شيئاً
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
من سن سنة حسنة فعمل بها بعده كان له أجره ومثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن سن سنة سيئة فعمل بها بعده كان عليه وزره ومثل أوزارهم من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا
حسن صحيح الألباني صحيح ابن ماجه 17211
१२- تعودى مع خطيبك على ورد من القرآن أو السنة أو السيرة أو مسالة فقه أو الرقائق أو أى من أطايب علوم الإسلام التى تقرب من الرحمن و ترضيه عنكما أن يؤدم بينكما و يبارك فى بيتكما، إحتسبا أن يكون لقائكما الشخصي فى وجود محرم فى مرضاة الله و ليس فى سخطه.
१३- احتسبا بداية حياتك الزوجية التى ستنتهى بإذن الله بالجنة سوياً برضا الله و ذلك بالتصدق عند بداية الزواج أو القيام بعمرة أو حجة حسب المقدرة ॥ أبواب الخير كثيرة

هدى الله شباب الإسلام لما فيه خير الأمة و صلاحها

بعض المفاهيم الخاطئة لصلاة الاستخارة

للشيخ محمد بن عبدالعزيز المسند

مقدمة : من محاسن شريعتنا الغرّاء ( الشريعة الإسلامية ): صلاة الاستخارة، التي جعلها الله لعباده المؤمنين بديلاً عمّا كان يفعله أهل الجاهليّة من الاستقسام بالأزلام والحجارة الصمّاء، التي لا تنفع ولا تضرّ، وعلى الرغم من أهميّة هذه الصلاة، وعِظَم أثرها في حياة المؤمن، إلا أنّ كثيراً من الناس قد زهد فيها، إمّا جهلاً بفضلها وأهميتها، وإمّا نتيجة لبعض المفاهيم الخاطئة التي شاعت بين الناس ممّا لا دليل عليه من كتاب ولا سنّة، وهذا ما أردت التنبيه إليه في هذه العجالة، فمن هذه المفاهيم:


أولا : اعتقاد بعض الناس أنّ صلاة الاستخارة إنّما تُشرع عند التردد بين أمرين، وهذا غير صحيح، لقوله في الحديث: (( إذا همّ أحدكم بالأمر..)).

ولم يقل ( إذا تردد )، والهمّ مرتبة تسبق العزم، كما قال الناظم مبيّناً مراتب القصد:

مراتب القصد خمس: (هاجس) ذكروا فـ (خاطر)، فـ (حديث النفس) فاستمعا

يليه ( همّ ) فـ ( عزم ) كلها، رُفعتْ سوى الأخير ففيه الأخذ قــد وقعا

فإذا أراد المسلم أن يقوم بعمل، وليس أمامه سوى خيار واحد فقط قد همّ بفعله، فليستخر الله على الفعل ثم ليقدم عليه، فإن كان قد همّ بتركه فليستخر على الترك، أمّا إن كان أمامه عدّة خيارات، فعليه أوّلاً ـ بعد أن يستشير من يثق به من أهل العلم والاختصاص ـ أن يحدّد خياراً واحداً فقط من هذه الخيارات، فإذا همّ بفعله، قدّم بين يدي ذلك الاستخارة.


ثانيا : اعتقاد بعض الناس أنّ الاستخارة لا تشرع إلا في أمور معيّنة، كالزواج والسفر ونحو ذلك، أو في الأمور الكبيرة ذات الشأن العظيم، وهذا اعتقاد غير صحيح، لقول الراوي في الحديث: (( كان يعلّمنا الاستخارة في الأمور كلّها.. )).

ولم يقل: في بعض الأمور أو في الأمور الكبيرة، وهذا الاعتقاد جعل كثيراً من الناس يزهدون في صلاة الاستخارة في أمور قد يرونها صغيرة أو حقيرة أو ليست ذات بال؛ ويكون لها أثر كبير في حياتهم.


ثالثا : اعتقاد بعض الناس أنّ صلاة الاستخارة لا بدّ لها من ركعتين خاصّتين، وهذا غير صحيح، لقوله في الحديث: (( فليركع ركعتين من غير الفريضة.. )).

فقوله: "من غير الفريضة" عامّ فيشمل تحيّة المسجد والسنن الرواتب وصلاة الضحى وسنّة الوضوء وغير ذلك من النوافل، فبالإمكان جعل إحدى هذه النوافل ـ مع بقاء نيتها ـ للاستخارة، وهذه إحدى صور تداخل العبادات، وذلك حين تكون إحدى العبادتين غير مقصودة لذاتها كصلاة الاستخارة، فتجزيء عنها غيرها من النوافل المقصودة.

رابعا : اعتقاد بعض الناس أنّه لا بد من انشراح الصدر للفعل بعد الاستخارة، وهذا لا دليل عليه، لأنّ حقيقة الاستخارة تفويض الأمر لله، حتّى وإن كان العبد كارهاً لهذا الأمر، والله عز وجل يقول: (( وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)) (البقرة:216)

وهذا الاعتقاد جعل كثيراً من الناس في حيرة وتردد حتى بعد الاستخارة، وربّما كرّر الاستخارة مرّات فلا يزداد إلا حيرة وتردّداً، لا سيما إذا لم يكن منشرح الصدر للفعل الذي استخار له، والاستخارة إنّما شرعت لإزالة مثل هذا التردد والاضطراب

والحيرة.

وهناك إعتقاد أنه لابد من شعور بالراحة أو عدمها بعد صلاة الإستخارة وهذا غير صحيح

فربما يعتري المرء شعور بأحدهما وربما لا ينتابه أي شعور فلا يردده ذلك بل الصحيح أن الله يسير له ما أختاره له من أمر ويتمه.
والله أعلم..

خامسا : اعتقاد بعض الناس أنّه لا بدّ أن يرى رؤيا بعد الاستخارة تدله على الصواب، وربّما توقّف عن الإقدام على العمل بعد الاستخارة انتظاراً للرؤيا، وهذا الاعتقاد لا دليل عليه، بل الواجب على العبد بعد الاستخارة أن يبادر إلى العمل مفوّضاً الأمر إلى الله كما سبق، فإن رأى رؤيا صالحة تبيّن له الصواب، فذلك نور على نور، وإلا فلا ينبغي له انتظار ذلك.


هذه بعض المفاهيم الخاطئة حول صلاة الاستخارة، والتي قد تصدر أحياناً من بعض المنتسبين للعلم، ممّا يؤصّل هذه المفاهيم في نفوس الناس، وسبب ذلك التقليد الجامد، وعدم تدبّر النصوص الشرعية كما ينبغي، ولست بهذا أزكي نفسي، فالخطأ واقع من الجميع.

هذا ومن أراد الاستزادة في هذا الموضوع فليراجع كتاب: ( سرّ النجاح ومفتاح الخير والبركة والفلاح )، وهو كتيّب صغير الحجم، ففيه المزيد من المسائل المهمة، والشواهد الواقعية الدالة على أهمية هذه الصلاة، وفهم أسرارها ومراميها، والله تعالى أعلم.

وصلني عبر البريد الإلكتروني


فضل العشر الأواخر من رمضان

فضل العشر الأواخر من رمضان
للعشر الأخيرة من رمضان خصائص ليست لغيرها من الأيام ..فمن خصائصها : ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العمل فيها أكثر من غيرها..ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها :أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها ) رواه مسلم.
وفي الصحيح عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله )
وفي المسند عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم فإذا كان العشر شمر وشد المئزر)
فهذه العشر كان يجتهد فيها صلى الله عليه وسلم أكثر مما يجتهد في غيرها من الليالي والأيام من انواع العبادة : من صلاة وقرآن وذكر وصدقة وغيرها ..ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشد مئزره يعني: يعتزل نساءه ويفرغ للصلاة والذكر ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحيي ليله بالقيام والقراءة والذكر بقلبه ولسانه وجوارحه لشرف هذه الليالي والتي فيها ليلة القدر التي من قامها إيمانا واحتسابا غفر الله ماتقدم من ذنبه .
وظاهر هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم يحيي الليل كله في عبادة ربه من الذكر والقراءة والصلاة والاستعداد لذلك والسحور وغيرها.
وبهذا يحصل الجمع بينه وبين ما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما أعلمه صلى الله عليه وسلم قام ليله حتى الصباح ) لأن إحياء الليل الثابت في العشر يكون بالقيام وغيره من أنواع العبادة والذي نفته إحياء الليل بالقيام فقط.
ومما يدل على فضيلة العشر من الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر حرصا على اغتنام هذه الليالي المباركة بما هي جديرة به من العبادة فإنها فرصة العمر وغنيمة لمن وفقه الله عز وجل فلا ينبغي للمسلم العاقل أن يفوّت هذه الفرصة الثمينة على نفسه وأهله فما هي إلا ليال معدودة ربما يُدرك الإنسان فيها نفحة من نفحات المولى فتكون ساعادة في الدنيا والآخرة .

للشيخ عائض القرني

الموسيقى و الغناء في الإسلام

الموسيقى و الغناء في الإسلام


الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله

ملخص رسالة " الضرب بالنوى لمن أباح المعازف للهوى" للشيخ سعد الدين بن محمد الكبي
تعريف المعازف :

"المعازف"

جمع معزفة، وهي آلات الملاهي (1) ، وهي الآلة التي يعزف بها (2) ،

وعن الجوهري رحمه الله أن المعازف هي الغناء و آلات اللهو (3).
أدلة التحريم من الكتاب والسنة :

قال الله تعالى في سورة لقمان : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله "- قال ابن عباس رضي الله عنهما : لهو الحديث الباطل والغناء (4)،

- وقال مجاهد رحمه الله : اللهو الطبل (5) ،

- وقال الحسن البصري رحمه الله : نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير

- وقال السعدي رحمه الله : فدخل في هذا كل كلام محرم ، وكل لغو وباطل ، وهذيان

من الأقوال المرغبة في الكفر والعصيان ، ومن أقوال الرادين على الحق المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق ، ومن غيبة ونميمة وكذب وشتم وسب ، ومن غناء ومزامير شيطان ، ومن الماجريات الملهية التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا (6)..

- قال ابن القيم رحمه الله: ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء:

# فقد قال أبو الصهباء : سألت ابن مسعود عن قوله تعالى : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث " ، فقال : والله الذي لا إله غيره هو الغناء - يرددها ثلاث مرات - (صح ذلك عن ابن عباس وابن مسعود )

# وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه الغناء .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف .. " (9)

- وفي الحديث دليل على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين:

أولهما : قوله صلى الله عليه وسلم : " يستحلون " ، فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة ، فيستحلها أولئك القوم .

ثانيا : قَرَنَ المعازف مع المقطوعة حرمته : الزنا والخمر ، ولو لم تكن محرمة ما قرنها معها ودلالة هذا الحديث على تحريم الغناء دلالة قطعية ، ولو لم يَرِد في المعازف حديث ولا آية سوى هذا الحديث لكان كافيا في التحريم وخاصة في نوع الغناء والذي يعرفه الناس اليوم . هذا الغناء الذي مادته ألفاظ الفحش والبذاءة ، وقوامه المعازف المختلفة من موسيقى وقيثارة وطبل ومزمار وعود وقانون وأورج وبيانو وكمنجة ، ومتمماته ومحسناته أصوات المخنثين ونغمات العاهرات . (10)


وصلني عبر البريد الإلكتروني

خلاصة القول في بيان ليلة القدر

خلاصة القول في بيان ليلة القدر

الكاتب : محمد سعد عبد الدايم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

هذا ما يسره الله تعالى في جمع ما قيل في ليلة القدر من الفضائل والحث على تحريها ، وذكر الأحاديث التي جاءت في بيان وتحديد أي الليالي هي ، والجمع بين هذه الأحاديث ، ونسأل الله تعالى القبول ، وأن يجعلنا وإياكم من أهلها .


نوه الله تعالى بشأن ليلة القدر وسماها بليلة القدر قيل : لأنها تقد فيها الآجال والأرزاق وما يكون في السنة من التدابير الإلهية .

قال النووي : قال العلماء سميت ليلة القدر لما تكتب فيها الملائكة من الأقدار لقوله تعالى ((فيها يفرق كل أمر فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ )) [1]

وقيل سميت ليلة القدر من باب التعظيم لأنها ذات قيمة وقدر ومنزلة عند الله تعالى لنزول القرآن فيها كما قال تعالى ((إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ))[2] .

وقيل سميت بليلة القدر لما يقع فيها من تنزل الملائكة ، ولما ينزل فيها من البركة والرحمة والمغفرة ، وأن الذي يحييها يصير ذا قدر ، ولأن الأرض تضيق فيها عن الملائكة .


ولقد نوه الله تعالى بشأنها فقال سبحانه ((إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ، سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ))[3] .

أي أن العمل في هذه الليلة المباركة يعدل ثواب العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، وألف شهر ثلاثة وثمانون عامًا وزيادة ، فهذا مما يدل على فضل هذه الليلة العظيمة ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحراها ويقول (( مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ))[4]


وأخبر سبحانه وتعالى أنها تنزل فيها الملائكة والروح ، وهذا مما يدل على عظم شأنها وأهميتها لأن نزول الملائكة لا يكون إلا لأمر عظيم ((تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ)) .

وصح الحديث بذكر هذه الكثرة فعن أَبِي هُرَيْرَةَ (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِنَّهَا لَيْلَةُ سَابِعَةٍ أَوْ تَاسِعَةٍ وَعِشْرِينَ ، إِنَّ الْمَلائِكَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فِي الأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ الْحَصَى ))[5]


ثم وصفها الله تعالى بأنها ((سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)) وهذا يدل على ما فيها من خير عميم وبركة عظيمة ، وفضل ليس له مثيل ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (( أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ ))[6] وعند ابن ماجه (( دَخَلَ رَمَضَانُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ ، وَلا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلا مَحْرُومٌ ))[7] .


قال الإمام مالك رحمه الله : أَنَّهُ سَمِعَ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ أَعْمَارَ النَّاسِ قَبْلَهُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ تَقَاصَرَ أَعْمَارَ أُمَّتِهِ أَنْ لا يَبْلُغُوا مِنْ الْعَمَلِ مِثْلَ الَّذِي بَلَغَ غَيْرُهُمْ فِي طُولِ الْعُمْرِ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ .[8]


معنى إيمانًا واحتسابًا :

علق الله تعالى نيل المغفرة في ليلة القدر على هذين الشرطين (( الإيمان والاحتساب )) ومعنى ذلك :

إيماناً : تصديقاً بثواب اللّه أو أنه حق ، أي الإيمان بأنه من أمر الله ومن أمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، والإيمان بحقيقة هذا الثواب .

واحتساباً : لأمر اللّه به طالباً الأجر من وراء هذا العمل ، أو إرادة وجه اللّه لا لنحو رياء فقد يفعل المكلف الشيء معتقداً أنه صادق لكنه لا يفعله مخلصاً بل لنحو خوف أو رياء .


ذكر الأحاديث التي جاءت في تحديد ليلة القدر :

الأحاديث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحري ليلة القدر جاءت على ثلاثة أوجه نذكرها فيما يلي :

الوجه الأول : الحث على التماسها في الليالي الفردية من العشر الأواخر :

ـ (( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ ، ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ عَلَى سُدَّتِهَا حَصِيرٌ ، قَالَ : فَأَخَذَ الْحَصِيرَ بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحِيَةِ الْقُبَّةِ ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ فَدَنَوْا مِنْهُ فَقَالَ : إِنِّي اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ، ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ ، ثُمَّ أُتِيتُ فَقِيلَ لِي إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ ، قَالَ : وَإِنِّي أُريْتُهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ وَإِنِّي أَسْجُدُ صَبِيحَتَهَا فِي طِينٍ وَمَاءٍ ، فَأَصْبَحَ مِنْ لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَقَدْ قَامَ إِلَى الصُّبْحِ فَمَطَرَتْ السَّمَاءُ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ ، فَأَبْصَرْتُ الطِّينَ وَالْمَاءَ فَخَرَجَ حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ وَجَبِينُهُ وَرَوْثَةُ أَنْفِهِ فِيهِمَا الطِّينُ وَالْمَاءُ ، وَإِذَا هِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ ))[9]


ـ (( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا ، وَأَرَانِي صُبْحَهَا أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ ، قَالَ : فَمُطِرْنَا لَيْلَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْصَرَفَ وَإِنَّ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ ؛ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ يَقُولُ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ ))[10]


ـ (( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ وَسَأَلُوهُ عَنْ لَيْلَةٍ يَتَرَاءَوْنَهَا فِي رَمَضَانَ قَالَ : لَيْلَةُ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ ))[11] ، وعند الطبراني (( تحروا ليلة القدر ليلة ثلاث و عشرين ))[12]


كما ورد أنها في ليلة الخامس والعشرين ، وذلك لأن القرآن الكريم نزل في هذه الليلة الكريمة كما صح بذلك الحديث ، وقد قال تعالى ((إنا أنزلناه في ليلة القدر)) .

ـ (( عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَع ِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ ، وَالإِنْجِيلُ لِثَلاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَ الْفُرْقَانُ لأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ))[13] .


ـ (( عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ؟ فَقَالَ : هِيَ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ أَوْ فِي الْخَامِسَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ ))[14] .


ـ (( عن معاوية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : التمسوا ليلة القدر ليلة سبع وعشرين ))[15] . ‌

ـ (( عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَالَ : لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ ))[16]

ـ (( عن عُبَادَة بْنُ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلاحَى رَجُلانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ : إِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَإِنَّهُ تَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ فَرُفِعَتْ ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ ، الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالْخَمْسِ ))[17]

ـ (( عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ ، ثُمَّ قَالَ : لا أَحْسَبُ مَا تَطْلُبُونَ إِلا وَرَاءَكُمْ ، ثُمَّ قُمْنَا مَعَهُ لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ، ثُمَّ قَالَ : لا أُحْسَبُ مَا تَطْلُبُونَ إِلا وَرَاءَكُمْ ، فَقُمْنَا مَعَهُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ حَتَّى أَصْبَحَ وَسَكَتَ ))[18].

الفلاح : يعني السحور .

ـ (( عن زر بْنَ حُبَيْشٍ قال : سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُلْتُ : إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ مَنْ يَقُمْ الْحَوْلَ يُصِبْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ؟ فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : أَرَادَ أَنْ لا يَتَّكِلَ النَّاسُ ، أَمَا إِنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ وَأَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ ، وَأَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ ، ثُمَّ حَلَفَ لا يَسْتَثْنِي أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ ، فَقُلْتُ : بِأَيِّ شَيْءٍ تَقُولُ ذَلِكَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ ؟ قَالَ : بِالْعَلامَةِ أَوْ بِالآيَةِ الَّتِي أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ لا شُعَاعَ لَهَا ))[19] .


ـ (( عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : رَأَى رَجُلٌ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرَى رُؤْيَاكُمْ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فَاطْلُبُوهَا فِي الْوِتْرِ مِنْهَا ))[20] .

ـ (( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُلْتَمِسًا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَلْيَلْتَمِسْهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وِتْرًا ))[21]

الوجه الثاني من الأحاديث : هو تحري ليلة القدر في الليالي الزوجية :

ـ عن معاوية رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من رمضان ))[22] . ‌

وهذا يحتمل أن تكون هذه الليلة زوجية أو فردية .

ـ (( عن أبي نضرة عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ يَلْتَمِسُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَبْلَ أَنْ تُبَانَ لَهُ ، فَلَمَّا انْقَضَيْنَ أَمَرَ بِالْبِنَاءِ فَقُوِّضَ ، ثُمَّ أُبِينَتْ لَهُ أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فَأَمَرَ بِالْبِنَاءِ فَأُعِيدَ ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهَا كَانَتْ أُبِينَتْ لِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَإِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِهَا فَجَاءَ رَجُلانِ يَحْتَقَّانِ مَعَهُمَا الشَّيْطَانُ فَنُسِّيتُهَا ، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ الْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ .

قَالَ قُلْتُ : يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّكُمْ أَعْلَمُ بِالْعَدَدِ مِنَّا ، قَالَ : أَجَلْ نَحْنُ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْكُمْ ، قَالَ قُلْتُ : مَا التَّاسِعَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ ؟

قَالَ : إِذَا مَضَتْ وَاحِدَةٌ وَعِشْرُونَ فَالَّتِي تَلِيهَا ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَهِيَ التَّاسِعَةُ فَإِذَا مَضَتْ ثَلاثٌ وَعِشْرُونَ فَالَّتِي تَلِيهَا السَّابِعَةُ فَإِذَا مَضَى خَمْسٌ وَعِشْرُونَ فَالَّتِي تَلِيهَا الْخَامِسَةُ ))[
23] .

فهذا تفسير أبي سعيد رضي الله عنه بأنها في الليالي الزوجية ، وهو الذي روى حديث ليلة الحادي والعشرين كما تقدم ، مما يدل على أن ليلة القدر قد تكون في الليالي الزوجية أيضًا .

ـ (( عن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ هِيَ فِي تِسْعٍ يَمْضِينَ أَوْ فِي سَبْعٍ يَبْقَيْنَ يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ ؛ وَعَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : الْتَمِسُوا فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ ))[24]

وفي هذا الأثر قصة رواها عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ قَتَادَةَ وَعَاصِم أَنَّهُمَا سَمِعَا عِكْرِمَة يَقُول :

قَالَ اِبْن عَبَّاس : دَعَا عُمَر أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ لَيْلَة الْقَدْر , فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا الْعَشْر الأَوَاخِر , قَالَ اِبْن عَبَّاس : فَقُلْت لِعُمَر إِنِّي لأَعْلَمُ - أَوْ أَظُنُّ - أَيَّ لَيْلَةٍ هِيَ , قَالَ عُمَر : أَيُّ لَيْلَةٍ هِيَ ؟ فَقُلْت : سَابِعَةٌ تَمْضِي أَوْ سَابِعَة تَبْقَى مِنْ الْعَشْر الأَوَاخِر , فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ عَلِمْت ذَلِكَ ؟ قُلْت خَلَقَ اللَّه سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَسَبْع أَرْضِينَ وَسَبْعَة أَيَّام وَالدَّهْر يَدُور فِي سَبْع وَالإِنْسَان خُلِقَ مِنْ سَبْع وَيَأْكُل مِنْ سَبْع وَيَسْجُدُ عَلَى سَبْع وَالطَّوَاف وَالْجِمَار وَأَشْيَاء ذَكَرَهَا , فَقَالَ عُمَر : لَقَدْ فَطِنْت لأَمْرٍ مَا فَطِنَّا لَهُ ))

وأخرج هذه القصة إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَده وَالْحَاكِم وفيها : (( فَقَالَ عُمَر أَعْجَزْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَ هَذَا الْغُلامِ الَّذِي مَا اِسْتَوَتْ شُؤُونُ رَأْسِهِ )) .

ـ (( عَنْ بِلالٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ ))[25] .

ـ (( عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَضَانَ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنْ الشَّهْرِ حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ قَامَ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَادَ أَنْ يَذْهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ ، فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي تَلِيهَا لَمْ يَقُمْ بِنَا فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ قَامَ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَادَ أَنْ يَذْهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ ، قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ قَالَ لا إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي تَلِيهَا لَمْ يَقُمْ بِنَا ، فَلَمَّا أَنْ كَانَتْ لَيْلَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَهُ وَاجْتَمَعَ لَهُ النَّاسُ فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَادَ يَفُوتُنَا الْفَلاحُ ، قَالَ قُلْتُ وَمَا الْفَلاحُ قَالَ السُّحُورُ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا يَا ابْنَ أَخِي شَيْئًا مِنْ الشَّهْرِ ))[26] .

وعند النسائي (( صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَضَانَ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنْ الشَّهْرِ فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ نَحْوٌ مِنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ ، ثُمَّ كَانَتْ سَادِسَةٌ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا ، فَلَمَّا كَانَتْ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ نَحْوٌ مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ ، قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ ، قَالَ : إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ ، قَالَ ثُمَّ كَانَتْ الرَّابِعَةُ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا ، فَلَمَّا بَقِيَ ثُلاثٌ مِنْ الشَّهْرِ أَرْسَلَ إِلَى بَنَاتِهِ وَنِسَائِهِ وَحَشَدَ النَّاسَ فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلاحُ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنْ الشَّهْرِ ))[27] .


الوجه الثالث من الأحاديث : فيه الجمع بين الأثنين وهو تحري ليلة القدر في جميع ليالي العشر الأواخر :

ـ (( عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ))[28] .

ـ (( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ أَيْقَظَنِي بَعْضُ أَهْلِي فَنُسِّيتُهَا فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ ))[29]

ـ (( عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى ))[30] ولفظ أحمد (( الْتَمِسُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى أَوْ خَامِسَةٍ تَبْقَى أَوْ سَابِعَةٍ تَبْقَى )) .

وهذا يحتمل أن تكون ليلة القدر في الليالي الفردية أو الزوجية على السواء لأن الشهر قد يصل إلى ثلاثين أو ينقص إلى تسع وعشرين .

ـ (( عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ الصُّنَابِحِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَهُ مَتَى هَاجَرْتَ قَالَ خَرَجْنَا مِنْ الْيَمَنِ مُهَاجِرِينَ فَقَدِمْنَا الْجُحْفَةَ فَأَقْبَلَ رَاكِبٌ فَقُلْتُ لَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ : دَفَنَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ خَمْسٍ قُلْتُ هَلْ سَمِعْتَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ شَيْئًا قَالَ نَعَمْ أَخْبَرَنِي بِلالٌ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ فِي السَّبْعِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ ))[31]

ـ (( عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ ))[32].

ـ (( عن ابْن عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ ، فَإِنْ ضَعُفَ أَحَدُكُمْ أَوْ عَجَزَ فَلا يُغْلَبَنَّ عَلَى السَّبْعِ الْبَوَاقِي ))[33] .


ـ (( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : تَذَاكَرْنَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيُّكُمْ يَذْكُرُ حِينَ طَلَعَ الْقَمَرُ وَهُوَ مِثْلُ شِقِّ جَفْنَةٍ ))[34]

قال النووي : قَالَ الْقَاضِي : فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّهَا إِنَّمَا تَكُون فِي أَوَاخِر الشَّهْر ; لأَنَّ الْقَمَر لا يَكُون كَذَلِكَ عِنْد طُلُوعه إِلا فِي أَوَاخِر الشَّهْر . وَاَللَّه أَعْلَم .

الخلاصة

يتبين بعد سرد الأحاديث المتنوعة في ذكر ليلة القدر أن ليلة القدر ليست بليلة ثابتة ، بل هي متنقلة بين الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان ، وقد تأتي في الليالي الفردية منها أو الزوجية على السواء ، فينبغي لمن أراد أن يرزق خيرها ولا يحرم منها أن يجتهد في طلبها طيلة الليالي العشر دون أن تفوته ليلة منها .

قال أبو قلابة : ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر .


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ هَكَذَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : (هِيَ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ) . وَتَكُونُ فِي الْوِتْرِ مِنْهَا .

لَكِنَّ الْوِتْرَ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْمَاضِي فَتُطْلَبُ لَيْلَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ .

وَيَكُونُ بِاعْتِبَارِ مَا بَقِيَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : (لِتَاسِعَةٍ تَبْقَى ، لِسَابِعَةٍ تَبْقَى ، لِخَامِسَةٍ تَبْقَى ، لِثَالِثَةٍ تَبْقَى ) .

فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الشَّهْرُ ثَلاثِينَ يَكُونُ ذَلِكَ لَيَالِيَ الْأَشْفَاعِ . وَتَكُونُ الِاثْنَيْنِ وَالْعِشْرِينَ تَاسِعَةً تَبْقَى وَلَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَابِعَةً تَبْقَى . وَهَكَذَا فَسَّرَهُ أَبُو سَعِيدٍ الخدري فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ . وَهَكَذَا أَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الشَّهْرِ .

وَإِنْ كَانَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ كَانَ التَّارِيخُ بِالْبَاقِي . كَالتَّارِيخِ الْمَاضِي .

وَإِذَا كَانَ الأَمْرُ هَكَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّاهَا الْمُؤْمِنُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ جَمِيعِهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (تَحَرَّوْهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ) وَتَكُونُ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ أَكْثَرَ . وَأَكْثَرُ مَا تَكُونُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ كَمَا كَانَ أبي بْنُ كَعْبٍ يَحْلِفُ أَنَّهَا لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ . فَقِيلَ لَهُ : بِأَيِّ شَيْءٍ عَلِمْت ذَلِكَ ؟ فَقَالَ بِالآيَةِ الَّتِي أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ، أَخْبَرَنَا أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ صُبْحَةَ صَبِيحَتِهَا كَالطَّشْتِ لا شُعَاعَ لَهَا) .

فَهَذِهِ الْعَلَامَةُ الَّتِي رَوَاهَا أبي بْنُ كَعْبٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَشْهَرِ الْعَلامَاتِ فِي الْحَدِيثِ وَقَدْ رُوِيَ فِي عَلامَاتِهَا (أَنَّهَا لَيْلَةٌ بلجة مُنِيرَةٌ) وَهِيَ سَاكِنَةٌ لا قَوِيَّةُ الْحَرِّ وَلا قَوِيَّةُ الْبَرْدِ وَقَدْ يَكْشِفُهَا اللَّهُ لِبَعْضِ النَّاسِ فِي الْمَنَامِ أَوْ الْيَقَظَةِ . فَيَرَى أَنْوَارَهَا أَوْ يَرَى مَنْ يَقُولُ لَهُ هَذِهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَقَدْ يُفْتَحُ عَلَى قَلْبِهِ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ الأَمْرُ . وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .[35]



رؤية ليلة القدر في المنام :

من الممكن أن يرى المؤمن في منامه من الرؤيا ما يدله على معرفة ليلة القدر ، وقد ثبت هذا بالأحاديث الصحيحة :

(( عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ رَأَيْتُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّ بِيَدِي قِطْعَةَ إِسْتَبْرَقٍ فَكَأَنِّي لا أُرِيدُ مَكَانًا مِنْ الْجَنَّةِ إِلا طَارَتْ إِلَيْهِ وَرَأَيْتُ كَأَنَّ اثْنَيْنِ أَتَيَانِي أَرَادَا أَنْ يَذْهَبَا بِي إِلَى النَّارِ فَتَلَقَّاهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ لَمْ تُرَعْ خَلِّيَا عَنْهُ فَقَصَّتْ حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى رُؤْيَايَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ وَكَانُوا لا يَزَالُونَ يَقُصُّونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّؤْيَا أَنَّهَا فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ))[36]

قال النووي في شرح مسلم : وَاعْلَمْ أَنَّ لَيْلَة الْقَدْر مَوْجُودَة كَمَا سَبَقَ بَيَانه فِي أَوَّل الْبَاب , فَإِنَّهَا تُرَى , وَيَتَحَقَّقهَا مَنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى مِنْ بَنِي آدَم كُلّ سَنَة فِي رَمَضَان كَمَا تَظَاهَرَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الأَحَادِيث السَّابِقَة فِي الْبَاب , وَإِخْبَار الصَّالِحِينَ بِهَا وَرُؤْيَتهمْ لَهَا أَكْثَر مِنْ أَنْ تُحْصَر , وَأَمَّا قَوْل الْقَاضِي عِيَاض : عَنْ الْمُهَلَّب بْن أَبِي صُفْرَة لا يُمْكِن رُؤْيَتهَا حَقِيقَة , فَغَلَط فَاحِش , نَبَّهْت عَلَيْهِ لِئَلا يُغْتَرّ بِهِ . وَاَللَّه أَعْلَم .

ومر بنا قول شيخ الإسلام : وَقَدْ يَكْشِفُهَا اللَّهُ لِبَعْضِ النَّاسِ فِي الْمَنَامِ أَوْ الْيَقَظَةِ . فَيَرَى أَنْوَارَهَا أَوْ يَرَى مَنْ يَقُولُ لَهُ هَذِهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَقَدْ يُفْتَحُ عَلَى قَلْبِهِ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ الأَمْرُ .


أفضل الدعاء في ليلة القدر :

ـ (( عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا ؟ قَالَ : قُولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي ))[37]


علامات ليلة القدر :

ـ (( عَنْ أَبِي عَقْرَبٍ قَالَ غَدَوْتُ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ ذَاتَ غَدَاةٍ فِي رَمَضَانَ فَوَجَدْتُهُ فَوْقَ بَيْتِهِ جَالِسًا فَسَمِعْنَا صَوْتَهُ وَهُوَ يَقُولُ : صَدَقَ اللَّهُ وَبَلَّغَ رَسُولُهُ ، فَقُلْنَا سَمِعْنَاكَ تَقُولُ صَدَقَ اللَّهُ وَبَلَّغَ رَسُولُهُ ، فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي النِّصْفِ مِنْ السَّبْعِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ غَدَاتَئِذٍ صَافِيَةً لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا فَوَجَدْتُهَا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ))[38]


ـ (( عن زر بْنَ حُبَيْشٍ قال : سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُلْتُ : إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ مَنْ يَقُمْ الْحَوْلَ يُصِبْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ؟ فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : أَرَادَ أَنْ لا يَتَّكِلَ النَّاسُ ، أَمَا إِنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ وَأَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ ، وَأَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ ، ثُمَّ حَلَفَ لا يَسْتَثْنِي أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ ، فَقُلْتُ : بِأَيِّ شَيْءٍ تَقُولُ ذَلِكَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ ؟ قَالَ : بِالْعَلامَةِ أَوْ بِالآيَةِ الَّتِي أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ لا شُعَاعَ لَهَا )) هذا لفظ مسلم .. وعند أبي داود (( تُصْبِحُ الشَّمْسُ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِثْلَ الطَّسْتِ لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ حَتَّى تَرْتَفِعَ )) .. وعند أحمد (( عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ تَذَاكَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَقَالَ أُبَيٌّ أَنَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ أَعْلَمُ أَيُّ لَيْلَةٍ هِيَ هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَخْبَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ تَمْضِي مِنْ رَمَضَانَ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّمْسَ تُصْبِحُ الْغَدَ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ تَرَقْرَقُ لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ فَزَعَمَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ أَنَّ زِرًّا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَصَدَهَا ثَلَاثَ سِنِينَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ يَدْخُلُ رَمَضَانُ إِلَى آخِرِهِ فَرَآهَا تَطْلُعُ صَبِيحَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ تَرَقْرَقُ لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ )) [39]


ـ (( عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْبَوَاقِي مَنْ قَامَهُنَّ ابْتِغَاءَ حِسْبَتِهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَغْفِرُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ، وَهِيَ لَيْلَةُ وِتْرٍ تِسْعٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ خَامِسَةٍ أَوْ ثَالِثَةٍ أَوْ آخِرِ لَيْلَةٍ ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أَمَارَةَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَنَّهَا صَافِيَةٌ بَلْجَةٌ كَأَنَّ فِيهَا قَمَرًا سَاطِعًا سَاكِنَةٌ سَاجِيَةٌ ، لا بَرْدَ فِيهَا وَلا حَرَّ ، وَلا يَحِلُّ لِكَوْكَبٍ أَنْ يُرْمَى بِهِ فِيهَا حَتَّى تُصْبِحَ ، وَإِنَّ أَمَارَتَهَا أَنَّ الشَّمْسَ صَبِيحَتَهَا تَخْرُجُ مُسْتَوِيَةً لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ مِثْلَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، وَلا يَحِلُّ لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا يَوْمَئِذٍ ))[40] .


ـ (( عن ابن عباس قال صلى الله عليه وسلم : ليلة القدر ليلة سمحة طلقة لا حارة و لا باردة تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء ))[41] . ‌


ـ (( عن واثلة قال صلى الله عليه وسلم : ليلة القدر ليلة بلجة لا حارة و لا باردة ولا يرمى فيها بنجم ومن علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها ))[42] . ‌


ليلة القدر هل هي باقية أم رفعت ؟

ـ (( عن أبي مَرْثَد قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ قُلْتُ كُنْتَ سَأَلْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ؟ قَالَ : أَنَا كُنْتُ أَسْأَلَ النَّاسِ عَنْهَا ، قَالَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَفِي رَمَضَانَ هِيَ أَوْ فِي غَيْرِهِ ؟ قَالَ : بَلْ هِيَ فِي رَمَضَانَ ، قَالَ قُلْتُ : تَكُونُ مَعَ الأَنْبِيَاءِ مَا كَانُوا فَإِذَا قُبِضُوا رُفِعَتْ أَمْ هِيَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ : بَلْ هِيَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، قَالَ قُلْتُ : فِي أَيِّ رَمَضَانَ هِيَ ؟ قَالَ : الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأُوَلِ أَوْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ ، ثُمَّ حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَ ثُمَّ اهْتَبَلْتُ وَغَفَلْتُهُ قُلْتُ فِي أَيِّ الْعِشْرِينَ هِيَ ؟ قَالَ : ابْتَغُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ لا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا ، ثُمَّ حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَ ثُمَّ اهْتَبَلْتُ وَغَفَلْتُهُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ بِحَقِّي عَلَيْكَ لَمَا أَخْبَرْتَنِي فِي أَيِّ الْعَشْرِ هِيَ ؟ قَالَ : فَغَضِبَ عَلَيَّ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ مِثْلَهُ مُنْذُ صَحِبْتُهُ أَوْ صَاحَبْتُهُ كَلِمَةً نَحْوَهَا قَالَ الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ لا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا ))[43]


ـ (( عَنْ عَبْد اللَّه بْن يَحْنَس قُلْت لأَبِي هُرَيْرَة : زَعَمُوا أَنَّ لَيْلَة الْقَدْر رُفِعَتْ , قَالَ : كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ ))[44]


هذا والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلي اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه .


--------------------------------------------------------------------------------

[1] الدخان (4) .

[2] الدخان (3) .

[3] سورة القدر .

[4] رواه البخاري في كتاب الإيمان باب قيام ليلة القدر من الإيمان (35) ، ومسلم في صلاة المسافرين (1268) ، والترمذي في الصوم (619) ، والنسائي في الصيام (2169) ، وأبو داود في الصلاة (1165) ، وأحمد (6873) ، والدارمي في الصوم (1711) .

[5] رواه أحمد (10316) ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (5472) .

[6] رواه النسائي في الصيام عن أبي هريرة (2079) ، وأحمد (6851) ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (55) .

[7] رواه ابن ماجه في الصيام باب ما جاء في فضل رمضان (1634) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (2247) .

[8] الموطأ (1/207) .

[9] رواه البخاري في صلاة التراويح (2018) ، ومسلم في الصيام باب فضل ليلة القدر (1994) واللفظ له ، والنسائي في السهو (1339) ، وأبو داود في الصلاة (1174) ، وأحمد (10757) ، ومالك في الاعتكاف (611) .

[10] رواه مسلم في الصيام باب فضل ليلة القدر (1997) ، وأحمد (15467) .

[11] رواه أحمد (15466) وقال الزين في المسند (12/429) : إسناده صحيح .

[12] رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع (2923) .

[13] رواه أحمد (16370) ، ورواه الطبراني وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1497) .

[14] رواه أحمد (21032) وصححه الألباني في صحيح الجامع (5471) .

[15] رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع (1240) .

[16] رواه أبو داود في الصلاة باب من قال سبع وعشرون (1178) ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5474) .

[17] رواه البخاري في الإيمان باب خوف المؤمن أن يحبط عمله (49) ، ومالك في الاعتكاف (615) ، والدارمي في الصوم (1715) .

[18] رواه أحمد (20585) ، وقال الزين في المسند (16/24) : إسناده صحيح .

[19] رواه مسلم (1999) ، والترمذي في تفسير القرآن (3274) ، وأبو داود في الصلاة (1170) ، وأحمد (20247) .

[20] رواه مسلم في الصيام باب فضل ليلة القدر (1987) ، وأحمد (4442) .

[21] رواه أحمد (281) وقال أحمد شاكر في المسند (1/292) : إسناده صحيح .

[22] رواه محمد بن نصر في الصلاة وصححه الألباني في صحيح الجامع (1238) .

[23] رواه مسلم في الصيام باب فضل ليلة القدر (1996) ، وأحمد (10654) .

[24] رواه البخاري في صلاة التراويح باب تحري ليلة القدر (2022) ، وأبو داود في الصلاة (1173) ، وأحمد (1948) .

[25] رواه أحمد (2765) وقال الزين في المسند (17/163) : إسناده صحيح ، ورواه الطبراني في الكبير (1/360) ، وحسنه الهيثمي (3/176) .

[26] رواه أحمد (20450) ، وقال الزين في المسند (15/520) : إسناده صحيح ، وانظر التالي .

[27] رواه النسائي في السهو باب ثواب من صلى مع الإمام حتى ينصرف (1347) ، والترمذي في الصوم (734) ، وأبو داود في الصلاة (1167) ، وابن ماجه في إقامة الصلاة (1317) ، والدارمي في الصوم (1713) ، وصححه الألباني في صحيح النسائي (1/439) .

[28] رواه البخاري في صلاة التراويح باب تحري ليلة القدر (2017) ، ومسلم في الصيام (1998) ، والترمذي في الصوم (722) ، وأحمد (23100) .

[29] رواه مسلم في الصيام باب فضل ليلة القدر (1992) ، وأحمد (7546) ، والدارمي في الصوم (1716) .

[30] رواه البخاري في صلاة التراويح باب تحري ليلة القدر (2021) ، وأبو داود في الصلاة (1173) ، وأحمد (1948) ،

[31] رواه البخاري في المغازي باب بعث النبي r أسامة (4470) .

[32] رواه البخاري في صلاة التراويح باب التماس ليلة القدر (2015) ، ومسلم في الصيام (1985) ، وأحمد (4270) .

[33] رواه مسلم في الصيام باب فضل ليلة القدر (1989) ، وانظر السابق .

[34] رواه مسلم في الصيام باب فضل ليلة القدر (2001) .

[35] مجموع الفتاوى (25/285) .

[36] رواه البخاري في كتاب الجمعة باب فضل من تعار من الليل فصلى (1158) .

[37] رواه الترمذي في الدعوات وقال حسن صحيح ، وابن ماجه في الدعاء (2840) ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (3/170) .

[38] رواه أحمد (3664) ، وقال أحمد شاكر في المسند (4/232) : إسناده صحيح .

[39] رواه مسلم (1999) ، والترمذي في تفسير القرآن (3274) ، وأبو داود في الصلاة (1170) ، وأحمد (20247) .

[40] رواه أحمد في المسند (21702) وقال الزين في المسند (16/415) : إسناده صحيح .

[41] رواه الطيالسي وابن نصر وابن خزيمة وأبو نعيم وغيرهم ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5475) .

[42] رواه الطبراني وحسنه الألباني في صحيح الجامع (5472 ) .

[43] رواه أحمد (20523) ، وقال الزين في المسند (15/547) : إسناده صحيح .

[44] رواه عبدالرزاق في مصنفه


نقلا عن موقع طريق الإيمان

http://www.emanway.com

الصيام يطيل العمر ويزيد فترة الخصوبة

أحدث الأبحاث العلمية

الصيام يطيل العمر ويزيد فترة الخصوبة

طارق قابيل



أكدت دراسة قام بها عدد من الباحثين بكلية الطب جامعة هارفارد الأمريكية أن للصوم أو الامتناع عن الأكل لفترة أثرا كبيرا في علاج أنواع عديدة من الحالات المرضية، وشددت الدراسة على أن للصيام فوائد عديدة، منها إطالة الأعمار، ومد فترات الخصوبة في الكائنات الحية؛ الأمر الذي سيساعد على فهم مد فترات الخصوبة عند النساء وبالتالي قدرتهن على الإنجاب، وبالرغم من أن التجارب أجريت على الحيوانات فقط حتى الآن، فإنها تعطي ملامح أولية لما سيكون عليه الحال عند البشر.

وتشير النتائج إلى أن الصوم قد يعوض بعض التردي في نوعية وكمية البويضات؛ الأمر الذي يحدث مع ارتفاع عمر المرأة، كما أظهرت النتائج أيضا قدرة الجسم على إنتاج بويضات جديدة من الصفر.

وتم الكشف عن نتائج هذه الدراسة في أغسطس 2009 بواحدة من أكبر الدوريات العلمية المتخصصة أظهرت مفاجأة جديدة تتعلق بتأثيرات الصيام على البويضات.

خطوات الدراسة

في الدراسة الأولى خفض "جوناثان تيلي" وزملاؤه في كلية الطب بجامعة هارفارد السعرات الحرارية في الغذاء المقدم لإناث الفئران المسنات، فلاحظ العالم أن متوسط سن الإنجاب لدى الفئران ارتفع ليصل إلى سن 12 شهرا عند 40% منها، ووجد فريق البحث أن نسبة البويضات المحتوية على كروموسومات شاذة أقل بكثير من البويضات التي أنتجتها الفئران التي سمح لها بتناول كل ما تريد.

ومن المعروف أن زيادة هذه التشوهات في البويضات تؤدي للكثير من مخاطر الإجهاض وعيوب الولادة في الأمهات الأكبر سنا، في الفئران والإنسان على حد سواء.

وسيقوم "تيلي" بعرض هذه النتائج في اجتماع منظمة "سينز" SENS لدراسات إستراتيجيات هندسة تجاهل الشيخوخة (Strategies for Engineered Negligible Senescence) في مؤتمر في كامبريدج بالمملكة المتحدة الأسبوع المقبل.

وأظهرت البحوث أن كل ما يعرفه العلماء عن الآليات التي تشارك في تنظيم نمو وتنمية وجودة البويضات البشرية ما زال قليلا، ومن الواضح أن الصوم يؤثر على آلية ما لم يتم اكتشافها بعد، تسمح بتعديل مسارات الإشارات الكامنة للجينات المتحكمة في تنظيم آليات نمو وتطور وجودة البويضات البشرية.

أحد الاحتمالات المباشرة لتفسير هذه النتائج هو أن تقييد الاستهلاك الغذائي يؤثر على التفاعلات بين البويضات النامية والخلايا المساندة لها، أو أنه يمكن أن يغير من نشاط خطوط الخلايا الجذعية الجرثومية، والتي يظن البعض أن بإمكانها تجديد المبايض الناضبة تحت الظروف المناسبة.

تجويع الديدان يزيد أعمارها!

ولا تعتبر الدراسة السابقة الأولى من نوعها؛ حيث قام فريق بحث يرأسه "مارك فان جليست" و"جيانا أنجيلو" من مركز "فريد هتشنسون" لأبحاث السرطان بمدينة سياتل بالولايات المتحدة الأمريكية بعمل تجربة، وهي تصويم الديدان عن الطعام لفترة، ثم منحها إياها؛ وهو ما أدى إلى زيادة أعمارها بنسبة تصل إلى ثلاثة أضعاف.

وأظهرت الدراسة أن تجويع الديدان الخيطية (النيماتودا) يمكن أن يؤدي إلى توقف عملية التكاثر في هذه الديدان، كما يقوم الجسم بتدمير جميع الخلايا الجنسية المتواجدة به، ثم يعود بعد ذلك لإنتاج مجموعة جديدة من البويضات السليمة من الخلايا الجذعية القليلة المتبقية داخل الجسم عندما تتحسن الظروف.

ويفسر "فان جليست" هذه النتائج بأن هناك بروتينا إشاريا يسمى NHR-49 معروف أنه يشارك في استجابة عمليات التمثيل الغذائي لتأثيرات الصيام، ويؤكد أن الديدان التي تحمل جينات خاملة لهذا البروتين لم تستطع استعادة قدرتها الإنجابية وخصوبتها بعد الصيام.

من الدودة إلى الإنسان

وبالطبع فالإنسان ليس هو الكائن الحي الوحيد الذي يصوم؛ فقد تبين لعلماء الطبيعة أن معظم المخلوقات الحية تمر بفترة صوم اختيارية مهما توفرت ألوان الغذاء من حولها؛ فالطيور والأسماك والحيوانات تصوم بصور مختلفة وفصول مختلفة بمحض إرادتها.

ومثلما يحدث في الكائنات الدنيا فيعتقد "فان جليست" أن ذات العمليات التي تحدث داخل جسم الدودة تحدث في جسم الإنسان، ولكن لم يتم بعد اختبار هذه الآلية على البشر، كما أنه لم يتم التعرف على الإشارات الجينية اللازمة لتفعيل مثل هذا المسار من العمليات الحيوية حتى الآن، ويظن "فان جليست" أن مثل هذه الآليات قد تطورت لدى أسلافنا من البشر للمساعدة في الحفاظ على الخصوبة أثناء فترات المجاعات التي كانت تطول لبعض الوقت.

وإحدى هذه البروتينات التى يمكنها القيام بهذه المهمة في البشر يسمى "بي بي إيه آر جاما" PPAR gamma، وهو مشابه للبروتين الإشاري NHR-49 الذي يقوم بالسيطرة على معدل التبويض، وبالرغم من أنه ليس واضحا كم يلزم من السعرات الحرارية لتشغيل مثل هذا النظام في البشر فإن المعلومات التي توصل إليها العلماء مؤخرا تشير إلى الجزيئات الأساسية التي يمكن تحديدها، وإيجاد سبل لمعالجتها يمكنها المساعدة في علاج مجموعة متنوعة من مشاكل الخصوبة، وتستطيع تمديد عمر الأنثى التناسلي (الخصوبة).

وبشكل أساسي فإنه إذا فهم العلماء آلية التحكم في التبويض لدى النساء فإنه يمكن التحكم في توقيتاتها وإبطاء خطاها، وسيساعد ذلك بالطبع في مد سنوات خصوبة النساء لفترات طويلة، فهل يمكن أن يسمح الصيام للسيدات المسنات بالحمل والولادة؟ هذا هو السؤال الذي يحاول العلماء الإجابة عنه في الفترة المقبلة.

الصيام الإسلامي!

وتشير أغلب الدراسات العلمية الحديثة إلى أن الطب الحديث لم يعد يعتبر الصيام مجرد عملية إرادية يجوز للإنسان ممارستها أو الامتناع عنها، فبعد الدراسات العلمية والأبحاث الدقيقة على جسم الإنسان ووظائفه الفسيولوجية ثبت أن الصيام ظاهرة طبيعية يجب للجسم أن يمارسها حتى يتمكن من أداء وظائفه الحيوية بكفاءة، وأنه ضروري جدا لصحة الإنسان، تماما كالأكل والتنفس والحركة والنوم.

وقد أجمع الأطباء وجميع العلماء والباحثين على أنه لا ضرر مطلقا من صوم رمضان بالطريقة الإسلامية الصحيحة؛ لأن الجسم السليم يقوى على احتمال الجوع والعطش لمدة أربع وعشرين ساعة دون أن يناله أي ضرر، ويغنينا قول الرسول الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى عن قول جميع الأطباء؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: «صوموا تَصِحُّوا». [1]

ويقول تعالى في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة 183) ويقول جل وعلا {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ} (البقرة 184)، فمتى يكتشف العلم الحديث السر في قوله تعالى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ}؟


هوامش ومصادر:

[1] بحار الأنوار (الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام) : 93 / 255 .
Tilly: Aging Cell, DOI: 10.1111/j.1474-9726.2008.00409.x;

Van Gilst: Science DOI: 10.1126/science.1178343.


نقلا عن موقع إسلام أونلاين

تعريب وتطوير مدونة التعليم الالكترونى